أكدت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، اليوم الخميس، أن نحو 90% من سكان قطاع غزة أُجبروا على النزوح من منازلهم منذ بدء العدوان الإسرائيلي في أكتوبر 2023، في واحدة من أكبر موجات التهجير القسري في التاريخ الحديث.
وقالت الأونروا، في بيان نُشر على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، إن ما يحدث اليوم في غزة يعيد إلى الأذهان مأساة النكبة الفلسطينية عام 1948، حين اضطر أكثر من 700 ألف فلسطيني إلى ترك مدنهم وقراهم تحت تهديد السلاح، واصفة ما يجري بأنه نكبة متجددة بعد مرور 77 عامًا.
وأوضحت الوكالة أن بعض العائلات في غزة تعرضت للنزوح عشر مرات أو أكثر خلال الأشهر الأخيرة، وسط ظروف إنسانية كارثية وانعدام شبه كامل لمقومات الحياة الأساسية، مشيرة إلى أن المدنيين يفتقرون إلى الماء النظيف والغذاء والرعاية الطبية.
انهيار البنية التحتية وتفشي الأمراض
وأشارت تقارير أممية، أبرزها الصادرة عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، إلى أن أكثر من 1.7 مليون شخص نزحوا داخليًا في قطاع غزة، فيما تُقدر مصادر محلية العدد بأكثر من 2 مليون، وسط تكدس خانق في مراكز الإيواء ومخيمات غير مجهزة.
وأكدت الأونروا أن مرافق المياه والصرف الصحي أصبحت منهارة بالكامل، ما أدى إلى تفشي الأمراض المعدية، خاصة بين الأطفال وكبار السن، وارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض الجلدية والتهابات الجهاز التنفسي، في ظل غياب شبه تام للمستلزمات الطبية.
قصف مراكز الإيواء وتآكل ثقة المدنيين بالمنظومة الدولية
ولفتت الوكالة إلى أن المدارس والمراكز التابعة لها، والتي تحوّلت إلى ملاجئ للنازحين، تعرضت مرارًا للقصف المباشر، وهو ما عمّق فقدان الثقة بالمنظومة الدولية، وزاد من معاناة المدنيين الذين أصبحوا بلا مأوى ولا حماية.
في المقابل، حذّرت منظمات حقوقية وأممية من أن سياسات النزوح والتهجير الإجباري التي تمارسها "إسرائيل" في غزة تُعد جزءًا من جريمة تطهير عرقي ممنهجة، تتم من خلال القصف المستمر، الحصار، والتجويع المتعمد، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.
إعادة تشكيل ديموغرافي ومخاوف من ترحيل جماعي
وأثار خبراء فلسطينيون ودوليون مخاوف حقيقية من مخطط إسرائيلي لإعادة تشكيل الخارطة السكانية في غزة، عبر دفع السكان نحو جنوب القطاع، وتحديدًا مدينة رفح، بالقرب من الحدود مع مصر، ما يُنذر بمخاطر ترحيل قسري عبر الحدود، يعيد سيناريو النكبة لكن بأدوات حديثة.
وتدعو منظمات حقوقية إلى فتح تحقيق دولي مستقل في جرائم التهجير القسري، وضمان حماية النازحين وتوفير ممرات إنسانية آمنة، محذرة من أن الصمت الدولي على ما يحدث في غزة يعطي الضوء الأخضر لاستمرار الجرائم وانهيار ما تبقى من مقومات الحياة.