في تطور يعكس حجم التعقيدات السياسية والأمنية في المنطقة، اضطرت "قافلة الصمود" المغاربية، التي انطلقت بهدف إنساني لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، إلى التراجع إلى منطقة بويرات الحسون قرب مدينة مصراتة الليبية، بعد فشل كل محاولات العبور إلى الأراضي المصرية عبر الشرق الليبي، وسط توتر متصاعد واحتجاز عدد من المتطوعين.
انطلقت القافلة يوم الإثنين 9 يونيو/حزيران 2025، من تونس بمشاركة متضامنين من الجزائر، ثم التحقت بها وفود من ليبيا وموريتانيا، ضمن مبادرة شعبية حملت شعار "نصرة غزة وكسر الحصار"، في وقت يواجه فيه القطاع حصارًا مشددًا منذ أكثر من 17 عامًا، فاقمه العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي أوقع عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، جلهم من النساء والأطفال.
جاءت المبادرة استجابة للغضب الشعبي المتصاعد في المغرب العربي تجاه الصمت الدولي، وعجز المنظومة الرسمية عن كسر القيود التي تفرضها إسرائيل ومصر على إدخال المساعدات.
عقب أيام من المسير والترقب، اصطدمت القافلة برفض قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر السماح لها بدخول شرقي ليبيا، بذريعة "غياب التنسيق الأمني"، وهو ما أدى إلى احتجاز 11 من المتطوعين من جنسيات تونسية، جزائرية، سودانية، وليبية، ما زاد من حدة التوتر السياسي داخل ليبيا وخارجها.
المتحدث باسم القافلة مروان بن قطاية أكد في تصريحات صحفية أن "كل الأبواب أُغلقت في وجهنا، ولم تفلح أي من المحاولات البديلة للعبور"، مشيرًا إلى أن قيادة القافلة قررت عدم التحرك مجددًا قبل الإفراج عن جميع الموقوفين.
بعد أن مُنعت البيات الاخير
— غدير العراقي (@hsnalmyahy181) June 16, 2025
"قافلة الصمود" المغاربية: نطالب حكومة شرق ليبيا بالكف عن الاعتداءات والممارسات التعسفية والحصار بحق نشطاء القافلة في مدينة سرت.
- نؤكد أننا لن نتراجع عن الغاية الإنسانية بالتوجه لمعبر رفح للمساهمة في وقف الحصار والحرب على الشعب الفلسطيني في غزة. pic.twitter.com/Fbt7Jpb0t8
وفي كواليس التفاوض، أوضح بن قطاية أن لقاءً رسميًا جرى مع ممثلين عن حكومة شرق ليبيا يوم الجمعة 13 يونيو/حزيران، شهد مشاحنات لفظية أدت إلى انسحاب ممثلي القافلة مؤقتًا، قبل استئناف الحوار لاحقًا.
ورغم تقديم القافلة لكافة الوثائق الرسمية وجوازات السفر المختومة عند معبر رأس جدير، فإن الرفض المصري لعبور القافلة شكل العقبة الأساسية أمام مواصلة الطريق.
من جهته، قال رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري، في مؤتمر صحفي يوم الإثنين 16 يونيو/حزيران، إن القافلة "شعبية ولا تتبع أي جهة رسمية أو حزبية"، مشددًا على ضرورة احترام تحركها السلمي ورفض أي استغلال سياسي لها.
أعلنت قيادة القافلة أنها ستبقى مرابطة قرب مصراتة في اعتصام سلمي، لحين الإفراج عن الموقوفين، ورفضت استقبال أي مشاركين جدد في الوقت الراهن حتى تتضح ملامح المرحلة المقبلة.
كما شدد القائمون على القافلة أنها "رسالة إنسانية لا أكثر"، ولن تُتخذ أي قرارات مستقبلية إلا بشكل جماعي من قبل القيادة.
بلدية مصراتة من جانبها أعلنت عبر عميدها محمود السقوطري دعمها الكامل للقافلة، واستعدادها لتوفير كافة الاحتياجات خلال فترة الاعتصام، وسط تضامن واسع من الشارع الليبي والمغاربي، في مشهد يجسد وحدة الشعوب في دعم غزة المحاصرة.