في مشهد مأساوي جديد يُضاف إلى سجل الجرائم المرتكبة في قطاع غزة، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) اليوم الإثنين أن نحو 50 ألف طفل استشهدوا أو أُصيبوا خلال العشرين شهرًا الماضية، في حصيلة صادمة تكشف حجم الكارثة الإنسانية التي تعصف بالقطاع منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي الأخير.
بحسب بيان الأونروا، فإن هذه الحصيلة المهولة تشمل أطفالًا فقدوا حياتهم تحت القصف المكثّف، وآخرين أُصيبوا بجروح بليغة، كثير منهم باتوا يعانون من إعاقات دائمة بسبب استهداف البيوت والملاجئ والمدارس وحتى المستشفيات. وأشارت الوكالة الأممية إلى أن معظم هؤلاء الأطفال كانوا يعيشون في ظروف بالغة الهشاشة أصلًا، قبل أن تتفاقم أوضاعهم إلى مستويات كارثية خلال الأشهر الأخيرة.
لم تقتصر الضحايا على الأطفال فحسب، إذ أكدت الأونروا أن المدنيين عمومًا، بمن فيهم العاملون في المجال الإنساني والطبي والصحافيون، يتعرضون يوميًا للقتل والإصابة في ظل تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية. وأعربت الوكالة عن قلقها الشديد من استهداف فرق الإنقاذ والإغاثة، ما يعقّد جهود إيصال المساعدات الضرورية للأسر المحاصرة ويُفاقم من عذابات المدنيين.
على الأرض، يشهد قطاع غزة انهيارًا شبه كامل للمنظومة الإنسانية، حيث تعجز المستشفيات عن تقديم العلاج للمصابين بسبب نقص الأدوية والمعدات، وتكاد الإمدادات الغذائية تنفد وسط الحصار المشدد. وأوضحت الأونروا أن ملايين الفلسطينيين، بينهم عشرات الآلاف من الأطفال، يعانون من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب، والغذاء، والمأوى، والرعاية الطبية، في ظل غياب أي أفق لحل سياسي أو وقف دائم لإطلاق النار.
أثارت هذه الأرقام المروّعة ردود فعل غاضبة من المنظمات الحقوقية والدولية، التي طالبت بوقف فوري للعدوان وحماية المدنيين، خصوصًا الأطفال الذين يُفترض أن يتمتعوا بحماية خاصة بموجب القوانين الدولية. وحذّرت هذه المنظمات من أن استمرار العدوان دون مساءلة قد يؤدي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة، ويمحو جيلاً كاملًا من الأطفال الفلسطينيين الذين يفترض أن يكونوا مستقبل البلاد.
في ختام بيانها، دعت الأونروا المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل والفوري لإنقاذ ما تبقى من الأرواح، وفتح ممرات إنسانية آمنة لإيصال المساعدات إلى من هم بأمس الحاجة إليها. كما شددت على ضرورة وقف استهداف المرافق المدنية والإنسانية، وتهيئة الظروف المناسبة لإعادة إعمار القطاع وإنقاذ الأطفال من الموت أو التشريد أو الإعاقة.