تشهد سجون الاحتلال الإسرائيلي أوضاعًا إنسانية متدهورة وغير مسبوقة، تزيد من معاناة الأسرى الفلسطينيين الذين يرزحون تحت وطأة سياسات قمعية ممنهجة تشمل التنكيل والتجويع والإهمال الطبي المتعمد، وذلك بالتزامن مع حملات اعتقال واسعة طالت مختلف المناطق الفلسطينية، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أعداد المعتقلين.
وأفاد الأسرى في سجن جلبوع بأن الطعام المقدم لهم لا يكفي بالكاد لوجبة واحدة في اليوم، حيث تم تقليص كميات الخبز بشكل صارخ في سياسة تجويع متعمدة انعكست في فقدان ملحوظ لأوزانهم. كما كشف الأسرى عن تفشي فيروس مجهول يسبب إسهالًا وآلامًا حادة في البطن، دون أي تدخل طبي يُذكر، إضافة إلى انتشار مرض الجرب (السكابيوس) في معظم الأقسام، وسط غياب كامل للعلاج.
وتؤكد شهادات الأسرى أن أوضاع النظافة والصحة الشخصية متدهورة للغاية، إذ يحصلون على كميات ضئيلة من مواد التنظيف لا تكفي أبسط الاحتياجات، فضلًا عن حرمانهم من مستلزمات أساسية مثل معجون وفرشاة الأسنان، والمشط ومقص الأظافر. كما يتم إعطاؤهم لفة محارم واحدة أسبوعيًا، وهي كمية لا تلبي الحد الأدنى من الاحتياجات اليومية.
وفيما يتعلق بالتريض (الفورة)، أشار الأسرى إلى أنهم يُمنحون ساعة واحدة أسبوعيًا في ظروف مكتظة ودون تعريضهم لأشعة الشمس، مما يحرمهم من التهوية والضوء الطبيعي، حيث أفاد أحدهم بأنه لم يتعرض للشمس منذ أكثر من عشرين يومًا. كما يتعرض الأسرى لعمليات تفتيش شهرية يُجرى خلالها تكبيلهم، ويتعرض بعضهم للضرب دون مبرر.
وفي سجن مجدو، تتواصل الممارسات القمعية بحق الأسرى، حيث يتعرضون للضرب وسحب الفراش نهارًا، فيما تعاني معظم الأقسام من انتشار الجرب في ظل غياب أي استجابة طبية، بالإضافة إلى سوء نوعية الطعام ومحدوديته، وحرمانهم من الحصول على الملابس الصيفية.
أما في عيادة سجن الرملة، فتقتصر المتابعة الطبية على الحالات الروتينية كغسيل الكلى، بينما تُهمل بقية الحالات المرضية الخطيرة، مع نقص كبير في الأدوية. كما يتولى أحد الأسرى، رغم عدم اختصاصه، مسؤوليات تتعلق بالعناية بالجروح وتوزيع الطعام وغسل الملابس، نتيجة إهمال الإدارة.
وحذرت مؤسسات حقوقية من أن هذه الممارسات تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، داعيةً المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لوضع حد لمعاناة الأسرى الفلسطينيين، وضمان توفير الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة داخل السجون.