في جريمة جديدة تضاف إلى سجل الانتهاكات المتواصلة ضد القطاع الصحي في غزة، تفرض قوات الاحتلال الإسرائيلي حصارًا مشددًا على المستشفى الإندونيسي في شمال القطاع، باستخدام طائرات مسيّرة من نوع "كواد كابتر" تُحلق على مدار الساعة، وتطلق النار على أي حركة في محيط المستشفى، ما يهدد حياة العشرات من المرضى والطواقم الطبية بداخله.
وقال الدكتور مروان السلطان، مدير المستشفى، إن نحو 40 شخصًا ما زالوا محاصرين في الداخل، بين مصابين ومرضى وكوادر طبية، وسط وضع صحي خطير، وانعدام القدرة على التحرك أو الإخلاء، في ظل إطلاق نار متواصل من الطائرات المسيّرة.
وأضاف أن إحدى الطائرات استهدفت شخصًا بالقرب من المستشفى، لكن الطواقم لم تتمكن من إسعافه بسبب كثافة النيران، مشيرًا إلى أن المستشفى بات شبه خارج عن الخدمة، إلا أن الكوادر ترفض المغادرة حرصًا على ما تبقى من معدات وأدوية.
استهداف مباشر لغرف العناية.. والمرضى في مرمى النيران
وأوضح السلطان أن غرفة العناية المركزة تعرضت لقصف مباشر، وكان داخلها خمسة مرضى، كما أُصيبت مريضة في قسم الباطني برصاص طائرة مسيّرة، في استهداف خطير يعكس إصرار الاحتلال على شل القطاع الطبي بالكامل، وتحويل المستشفيات إلى ساحات قتل بدلًا من أن تكون ملاجئ للنجاة.
وفي بيان عاجل، أعلنت وزارة الصحة في غزة أن جميع المستشفيات العامة بمحافظة شمال القطاع باتت خارج الخدمة، مؤكدة أن استهداف المستشفى الإندونيسي جاء بعد أيام من إخراج مستشفى غزة الأوروبي عن الخدمة.
وحذّرت الوزارة من انهيار منظومة الرعاية الصحية، مشيرة إلى أن المرضى يعيشون حالة من الذعر، ولا يستطيعون الخروج أو تلقي العلاج، مع وجود حالات إصابة جديدة وقعت أثناء محاولة الهروب من داخل المستشفى.
تتعذر عمليات الإخلاء أو الإسعاف في المنطقة المحيطة بالمستشفى الإندونيسي، مع تزايد المجازر بحق المدنيين في شمال غزة. وتؤكد الصحة أن هذه الممارسات جزء من سياسة ممنهجة لإخراج المستشفيات من الخدمة، عبر الحصار والاستهداف المباشر.
الأونروا: الفلسطينيون يُمحَون من وطنهم
وفي موقف إنساني نادر، قالت وكالة "الأونروا" إن أكثر من 250 فلسطينيًا قُتلوا خلال اليومين الماضيين فقط في غزة، متسائلة في بيان لها:
"كم من الفلسطينيين سيُمحون من وطنهم؟ بسبب القصف أو الجوع أو غياب الرعاية الطبية؟ هذه أرواح، وليسوا مجرد أرقام".
وأضافت الوكالة أن الفظائع اليومية تتحول تدريجيًا إلى "أمر واقع" يُعتاد عليه، بفعل الصمت واللامبالاة، متسائلة:
"هل هذه هي الإنسانية الجديدة؟"
حرب شاملة على الصحة.. بلا خطوط حمراء
منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر 2023، قُتل وجُرح أكثر من 173 ألف فلسطيني، بينهم آلاف الأطفال والنساء، في وقت لا يزال أكثر من 11 ألف شخص مفقودًا تحت الأنقاض. وتتعرض المنظومة الصحية لاستنزاف ممنهج عبر القصف، الحصار، وحرمان المصابين من الوصول إلى العلاج، في إطار حرب متعددة الأوجه.