📁 آخر الأخبار

فروقات جوهرية بين مقترحي اتفاق الأسرى: ما الذي تغيّر في الطرح الأمريكي الجديد؟



برزت خلال الساعات الماضية مقارنة مهمة بين الاتفاق الذي سبق أن وافقت عليه حركة حماس بشأن تبادل الأسرى، بناءً على مقترح المبعوث الأمريكي الخاص آموس ويتكوف، وبين المقترح المعدّل الذي قُدّم صباح اليوم، والذي حمل تغييرات جوهرية أثارت نقاشًا واسعًا بين المراقبين السياسيين والوسطاء الإقليميين.

أولى نقاط الاختلاف تتعلق بملف الأسرى والجثامين. ففي الاتفاق الأول، تم الاتفاق على إطلاق سراح عشرة أسرى فلسطينيين على مرحلتين: خمس أسرى في اليوم الأول وخمس أسرى آخرين في اليوم الستين. بينما جاء المقترح الجديد بتقديم موعد الدفعة الثانية لتصبح في اليوم السابع بدلًا من الانتظار شهرين، مع زيادة عدد الجثامين التي سيتم تسليمها من 16 إلى 18. هذا التغيير يعكس محاولة لإظهار تقدم سريع في الجوانب الإنسانية، لكنه لا يخفي التعقيدات الأخرى في تفاصيل الاتفاق.

فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، تضمّن الاتفاق الأصلي نصًا واضحًا يسمح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة دون قيود، بناءً على البروتوكول المتفق عليه في 17 يناير 2025. هذا البند كان من شأنه تخفيف المعاناة عن السكان المحاصرين. إلا أن المقترح الجديد جاء بصياغة فضفاضة تمنح الاحتلال الإسرائيلي الحق بالتحكم في نوعية وكمية المساعدات، مما يثير الشكوك حول فعالية هذا البند عمليًا.

على الجانب الأمني، يظهر ملف الطلعات الجوية الإسرائيلية كتفصيل حاسم. الاتفاق الأول كان ينص على وقف كامل للطلعات الجوية لمدة ستين يومًا، ما يمنح المدنيين فترة من الهدوء. بينما في المقترح الجديد، تقرر وقف الطلعات مؤقتًا فقط لمدة عشر ساعات في الأيام التي يتم فيها تسليم الأسرى، وهو تقليص كبير للهامش الزمني الذي كان سيشكّل متنفسًا ميدانيًا.

أما بالنسبة للانسحاب الميداني، فقد نص الاتفاق الأصلي على بدء الانسحاب قبل استكمال تسليم الأسرى، وهو بند يمنح نوعًا من الضمان للأطراف الفلسطينية. في المقابل، المقترح الجديد يربط الانسحاب بإتمام عملية التسليم كاملة، ما يعني تأخير أي تحرك ميداني من جانب الاحتلال حتى النهاية.

النقطة الأكثر حساسية تتعلق بالترتيبات الإدارية والأمنية. الاتفاق السابق نص بوضوح على إسناد إدارة قطاع غزة لجهة فلسطينية مستقلة من التكنوقراط، وهو بند حظي بقبول واسع. بينما اكتفى المقترح الجديد بالإشارة إلى “ترتيبات أمنية طويلة الأمد”، وهو تعبير غامض قد يُفسح المجال أمام تدخلات إسرائيلية مستمرة في الشأن الداخلي لغزة.

وأخيرًا، يغيب عن المقترح المعدّل أحد أبرز عناصر الاتفاق السابق: الضمانات الدولية. ففي المقترح الأصلي، تعهدت الولايات المتحدة بضمان وقف إطلاق النار حتى الوصول إلى اتفاق دائم، أما في النسخة الجديدة فلا يظهر أي التزام دولي مماثل، مما يعيد مخاوف انهيار التفاهمات بسرعة وعودة التصعيد.

التغييرات التي طرأت على المقترح الأمريكي تُظهر أن مسار المفاوضات لا يزال هشًا ومعقدًا، ويتطلب من الأطراف المعنية حسابات دقيقة وتقديرًا حذرًا لكل خطوة قادمة، حفاظًا على الحقوق وتفادي الوقوع في مصيدة الصيغ الفضفاضة.

تعليقات