كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، اليوم الثلاثاء، عن شهادات مروعة أدلى بها أسرى من قطاع غزة، خلال أولى الزيارات القانونية التي سُمح بها في القسم المعروف باسم "ركيفت"، الواقع تحت سجن "نيتسان – الرملة"، والذي خصصه الاحتلال الإسرائيلي لاحتجاز من يصنّفهم كمقاتلين "غير شرعيين" أو "أسرى النخبة".
تُعد هذه الزيارات الأولى من نوعها التي تمكن خلالها محامو المؤسسات الحقوقية من لقاء عدد من أسرى غزة داخل هذا القسم السري، الذي يقع تحت الأرض، ويخضع لرقابة شديدة وإجراءات أمنية مشددة.
مكان يشبه "المخزن" ومليء بالصراصير
وصف المحامون مكان الاحتجاز بأنه مبنى قديم يشبه المخزن، لا تُسمع فيه الأصوات، يُنزل إليه عبر درج حديدي إلى طابق سفلي مظلم، مليء بالحشرات والصراصير، حيث تُفرض قيود صارمة على المحامين، منها منع الحديث مع الأسرى عن عائلاتهم أو أوضاعهم الشخصية أو السياسية.
الشهادات التي تم جمعها كشفت عن أساليب تعذيب وحشية ومعاملة لا إنسانية، تبدأ من لحظة الاعتقال، مرورًا بمراحل التحقيق، والتنقل بين مراكز الاحتجاز، وصولًا إلى سجن "الرملة".
تفاصيل تعذيب ممنهج: "الديسكو"، "البامبرز"، والتحرش
أفاد المعتقل (س.ج) بتعرضه لتحقيق استمر ستة أيام استخدم فيه أسلوب "الديسكو"، الذي يجبر فيه المعتقل على الوقوف أو الجلوس بوضعيات مؤلمة لساعات طويلة، بالإضافة إلى إجباره على قضاء حاجته في حفاضات لم تُستبدل سوى مرتين، وسط حرمان من الطعام والماء.
المعتقل (و.ن) تحدث عن تحقيق عنيف واعتداء جنسي باستخدام أدوات تفتيش، إلى جانب الإذلال المستمر، والحرمان من العلاج.
المعتقل (ع.غ) قال: "احتُجزت في (سديه تيمان) لمدة 35 يوماً، عانيت من إصابة وحرمان تام من العلاج، وكنت أصرخ من شدة الألم، ولا أملك غطاءً ولا ملابس، كنت أرتجف من البرد. اليوم في (ركيفت) يمنع علينا الصلاة، ويُجبرنا السجانون على شتم أمهاتنا، ويضربوننا كلما خرجنا إلى الفورة، التي لا تدخلها الشمس".
المعتقل (خ.د) روى معاناته مع أساليب الشبح والضرب وكسر الإبهام كوسيلة عقاب، وقال إنه أصيب بمرض "الجرب - السكايبيس" خلال احتجازه في سجن "عوفر"، ويعاني الآن من أوجاع حادة في الصدر وتقييد دائم.
أوضاع إنسانية مأساوية: كاميرات، قذارة، وحرمان من الضوء
وأشار الأسرى إلى أن الزنازين مزودة بكاميرات مراقبة على مدار الساعة، وأنهم يُمنعون من الصلاة أو الاستحمام المنتظم، ويُزودون فقط بلفة ورق تواليت كل ثلاثة أيام. تُقيّد أيديهم حتى في أثناء خروجهم المحدود إلى الفورة، ويُمنعون من رؤية الشمس أو تحديد الوقت، إلا عندما يسحب السجانون الأغطية فجراً.
ركيفت... مركز تعذيب سري
أصبح قسم "ركيفت" – إلى جانب مراكز أخرى كـ"سديه تيمان"، "عناتوت"، "عوفر"، و"منشة" – مراكز احتجاز وتعذيب ممنهج افتتحها الاحتلال بعد بدء عدوانه على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023. توثّق هذه المراكز مستويات من العنف المنظم والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي بحق الأسرى الفلسطينيين، وخاصة أسرى غزة.
وبحسب معطيات هيئة الأسرى ونادي الأسير، فإن عدد معتقلي غزة الذين تعترف سلطات الاحتلال باحتجازهم حتى مطلع أبريل/نيسان 2025 بلغ نحو 1747 معتقلاً، صُنّفوا جميعهم كمقاتلين "غير شرعيين"، بينما لا تشمل هذه الإحصائيات مئات المحتجزين في معسكرات الجيش الإسرائيلي الخارجة عن نطاق الإشراف القضائي.