📁 آخر الأخبار

أزمة نقدية تتفاقم: غضب شعبي في غزة بسبب رفض التجار للعملة الورقية المهترئة

تعيش أسواق قطاع غزة على وقع أزمة نقدية غير مسبوقة، مع تصاعد رفض شريحة واسعة من التجار وأصحاب المتاجر التعامل مع العملات الورقية المهترئة، خاصة من فئات 20 و50 و100 و200 شيكل، رغم قانونيتها وصلاحيتها للتداول وفق الأنظمة المالية المعمول بها.


وتشهد مواقع التواصل الاجتماعي في غزة، خصوصًا "فيسبوك"، حالة من السخط الشعبي، وسط دعوات متكررة إلى كسر هذا "التمرد التجاري"، باعتبار أن النقد المتداول صادر عن جهة رسمية، ولا يُمكن رفضه لمجرد تلف طفيف في الورقة.

نقد قانوني يواجه "فيتو تجاري"

يرى المواطنون أن هذه الفئات النقدية لم تأتِ من العدم، بل تم إصدارها رسميًا من البنك المركزي الإسرائيلي وتُتداول منذ سنوات، ما يجعل من رفضها أمرًا غير قانوني وغير أخلاقي، لا سيما في ظل الظروف الإنسانية والمعيشية الصعبة التي تعيشها غزة بفعل الحصار والعدوان المستمر.

يقول أحد المواطنين في السوق المركزي بمدينة غزة: "مش معقول تروح تشتري خضرة أو خبز وتترفض فلوسك لأنها قديمة شوي، طب هاي المصاري ظلت معنا بالحرب وانقطعت الطرق والمصارف مسكرة، شو نعمل؟".

معاناة يومية في الأسواق

في الأسواق الشعبية، يتكرر مشهد رفض البائعين قبول الأوراق النقدية التي يظهر عليها أي تمزق بسيط أو تعود لطباعة قديمة، وهو ما يعرقل حصول المواطنين على احتياجاتهم اليومية. البعض يُضطر للبحث عن بائع يقبل هذه العملات، والبعض الآخر يعود أدراجه خالي اليدين.

ويؤكد كثيرون أن هذه الظاهرة لم تكن موجودة في غزة قبل الحرب الأخيرة، بينما لا تشهد الضفة الغربية أو المناطق الأخرى داخل الأراضي المحتلة هذا النوع من التعامل السلبي مع العملة، رغم تداول نفس الفئات النقدية هناك.

دعوات إلكترونية ضد "التنمر المالي"

في الفضاء الرقمي، أطلق نشطاء وأصحاب مشاريع صغيرة مبادرات تدعو للتعامل مع جميع فئات النقد الورقي، مؤكدين أنها وسيلة الدفع الوحيدة المتوفرة حاليًا في ظل غياب البنوك وانقطاع الخدمات الإلكترونية.

وجاء في أحد المنشورات المتداولة: "هذه مش عملة مزوّرة ولا منسوخة، هاي نفس المصاري اللي بنستخدمها من سنين، بس لأنه ما في تجديد من البنوك صارت تهترئ، بدنا نوقف ضد التاجر اللي بيرفضها ونفهمه إن هاي مسؤولية وطنية وإنسانية قبل ما تكون تجارية".

عجز نقدي وفوضى مالية

ويعود أصل الأزمة إلى عدة أسباب مترابطة، أهمها توقف إدخال العملة الجديدة إلى قطاع غزة منذ بداية العدوان، وإغلاق أبواب المصارف، بالإضافة إلى توقف معظم أجهزة الصراف الآلي عن العمل. ما تسبب في استهلاك مفرط للعملات الموجودة، وجعل معظمها عرضة للتلف.

ومع غياب حلول رسمية حقيقية، ظهرت محاولات فردية لإصلاح العملات التالفة باستخدام لاصق شفاف أو إعادة لصق الأجزاء الممزقة، لكن هذه الأوراق غالبًا ما تُقابل بالرفض من قبل التجار، ما زاد من حدة التوتر بين البائعين والمشترين.

خبراء: الاحتلال يستخدم الاقتصاد كسلاح

يرى مراقبون اقتصاديون أن هذه الأزمة ليست منفصلة عن السياق السياسي، بل تأتي ضمن سياسة الضغط المالي التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع، مؤكدين أن ما يحدث يُعدّ شكلًا من أشكال الحرب الاقتصادية التي تهدف إلى إنهاك السكان وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة.

ويؤكد مختصون أن القانون المالي لا يمنح التاجر الحق في رفض العملة الورقية المتداولة، طالما أنها لم تُلغَ رسميًا أو تُصنّف كمزوّرة، داعين الجهات الرسمية إلى التدخل وإلزام الجميع باحترام العملة القانونية وتسهيل حياة المواطنين لا تعقيدها.

تعليقات