📁 آخر الأخبار

بالصــور| من منارة علمية إلى رماد: الكتب الجامعية في غزة تتحول إلى وقود في مواجهة الإبادة الجماعية

 في مشهد يعبّر عن حجم الكارثة الإنسانية التي يمر بها قطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي المستمر، تحولت الكتب الجامعية من أدوات للعلم والمعرفة إلى مصدر بديل للطاقة، حيث استخدمها النازحون كوقود لإشعال النار من أجل الطهي. جاء ذلك في ظل الحصار المشدد الذي يفرضه الاحتلال على القطاع وإغلاق المعابر منذ عدة أشهر، مما دفع العائلات الفقيرة إلى البحث عن بدائل للبقاء على قيد الحياة، بعد أن أصبح الغاز والحطب نادرين في غزة.

الجامعة الإسلامية: من مركز علمي إلى مأوى للنازحين

لطالما كانت الجامعة الإسلامية في غزة إحدى أكبر الصروح الأكاديمية في القطاع، وقد أثبتت مكانتها في التصنيفات الأكاديمية العربية والدولية. إلا أن الهجمات الإسرائيلية المتواصلة منذ أكثر من 19 شهراً أدت إلى تدمير أجزاء كبيرة من منشآتها. هذه المباني التي كانت مصدرًا للتعليم والبحث العلمي أصبحت اليوم مأوى هشًا للمئات من النازحين، الذين لجأوا إليها بعد أن دمرت منازلهم بفعل القصف.



داخل المباني المدمرة، نصب النازحون خيامًا مؤقتة بين الجدران المتصدعة والأسقف المهددة بالانهيار. في ظل هذه الظروف القاسية، يصبح الكتاب الجامعي شيئًا آخر: من أداة للعلم إلى وسيلة للبقاء.

الكتب الجامعية تتحول إلى وقود للطهي

أم إبراهيم العطار، واحدة من النازحات التي لجأت إلى الحرم الجامعي، قالت: "العلم أصبح وقودنا اليوم". وتمزق صفحات الكتب الجامعية القديمة وتضعها في فرن طيني صغير لتحضير وجبة طعام، في ظل غياب الغاز. أما أم رائد، فقد عبرت عن حسرتها بقولها: "العلم هو أفضل شيء في الحياة، واليوم نشعل فيه النار".

هذه الحكايات اليومية تعكس حجم المأساة التي يمر بها سكان غزة، الذين تحوّلت مراكزهم التعليمية إلى ركام وخراب، وابتلع الحصار والعدوان كل أمل في المستقبل.


التدمير الإسرائيلي يطال قطاع التعليم

أدى القصف الإسرائيلي العنيف إلى تدمير المكتبة الجامعية التي كانت تحتوي على حوالي 200 طن من الكتب والمراجع العلمية. كما أفاد النازحون بأن معظم الكتب أصبحت ممزقة ومبثوثة تحت الركام. في هذا السياق، يقول أبو محمد حمد، أحد النازحين: "كانت المكتبة الأكبر في غزة، اليوم أصبحت حطامًا، والكتب التي حاولنا حفظها استخدمناها لحماية أنفسنا من حرارة الشمس وبرد الشتاء، لكننا الآن مضطرون لحرق بعضها من أجل البقاء".

الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة أصبحت أكثر تعقيدًا في ظل الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع. ومنذ الثاني من مارس 2024، أغلقت إسرائيل المعابر أمام دخول المساعدات الإنسانية، مما أدى إلى أزمة غذائية وصحية خانقة. وحسب التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة، يعاني أكثر من 2.4 مليون فلسطيني في غزة من نقص حاد في الغذاء والدواء.

كما أكد ينس لايركه، المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أن "قطاع غزة يشهد أسوأ وضع إنساني منذ بداية الحرب، وذلك بسبب منع إسرائيل إدخال المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية". وأضاف أن 75% من سكان غزة يعانون من تلوث المياه، الأمر الذي يزيد من تفشي الأمراض والمشاكل الصحية.

حرب إبادة مستمرة

الحرب الإسرائيلية على غزة، التي بدأتها في السابع من أكتوبر 2023، أسفرت عن مقتل أكثر من 168 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود. في هذا السياق، يشير التقرير الصادر عن وزارة التربية والتعليم الفلسطينية إلى أن الحرب دمرت أكثر من 51 مبنى تابعًا للجامعات بشكل كامل، بينما تعرض 57 آخرون لأضرار جزئية.

بذلك، أصبحت غزة، التي كانت تحتضن مراكز تعليمية رائدة، في مواجهة معركة يومية من أجل البقاء، بعد أن أصبح التعليم والبحث العلمي في القطاع ضحية لهذا العدوان المستمر.

اليوم، يتحول الكتاب الجامعي في غزة من رمز للعلم والمعرفة إلى وسيلة للبقاء على قيد الحياة في وجه الإبادة الجماعية التي يعيشها السكان. رغم الدمار والدماء، لا يزال الفلسطينيون في غزة يصرون على مقاومة محاولات محو هويتهم العلمية والثقافية، محولين كل ما تبقى من إرثهم الأكاديمي إلى وقود يستمرون به في معركة الحياة.




تعليقات